الثلاثاء، 24 فبراير 2015

أطْيَافٌ وصُوَر ..


في رحلتنا في هذه الحياة نتعرض للكثير من المواقف التي تدفعنا للتبدل والتغير ، راغبين وراهبين.
قد يحدث هذا فينا دون أن ننتبه أحيانًا ، وقد يكون ذلك عن عمدٍ في أحايين أخرى.غرَقُنا في تحصيل الاحتياجات والكماليات ، واللهث خلف الرغبات والآمال العريضة ، والأحلام الكبيرة والصغيرة ، والأماني المستحيلة والممكنة ، والتكاليف الحياتية ...

كل هذا يعمي أبصارنا ، ويخدر حواسنا ، يبدل ذوقياتنا ومشاعرنا ، فتصبح الوردة التي اعتدنا التوقف عندها لتنشق عبيرها ، سخيفةً مهملة ، والعامل الذي مارسنا معه طقوس الفأل الحسن بالتبسم كل صباح، مصدرَ تشاؤم وتضجّر ، وشعور بالضيق والنّكد ، بل حتى مشاكسات أطفالنا اللذيذة التي كانت تضحكنا ببراءتها ووداعتها ، تصير شغبًا لا يُطاق ، وشحناتُ ضغطٍ عاليةَ التوتّر!
نفعل كل ذلك ، على مدار أيام ، وأشهر ، بل أعوام ، تنسلّ من بين أيدينا دون أن نتوقف لساعات نرمم فيها ما صدعته المواقف والصوارف ، نتشاغل عن التفاصيل الصغيرة التي لطالما عَنَت لنا ولمن حولنا الكثير ، حتى يتصرم العمر ، ونفقدهم ، أو نفقد ذواتنا التي ألفناها وعرفناها ، يفجعنا الشيب وقد غزى الرؤوس ، والتجاعيد وقد دهمت الوجوه.

ترى لو قدّر لنا ، بعد عدة أعوام ، أو بعد بضعة عقود ، أن نعرض سنيّ أعمارنا بكل ما فيها على شريط مرئي ، وأن نتأمل مواطن التغيّر فينا ، أن نراقب أحداث حياتنا كما لو أننا لم نكن جزءاً منها ، دون أن نتحكم فيها ... كيف سنبدو؟ كيف ستظهر أفعالنا لنا؟ وكيف ستبدو لنا تصرفاتنا؟ هل سنتقبل سلوكياتنا التي كانت مستهجنة فيما مضى ، ثم اقترفناها الآن؟ هل سنجد أنفسنا نبرر الأخطاء التي أنكرناها على غيرنا؟ هل سنتمنى لو أننا فعلنا ما لم نفعله ، أو نتمنى لو أننا امتنعنا عما فعلناه؟ هل سنعرف أنفسنا إذا التقت طيوفنا ، بين الصورة التي رسمناها لأنفسنا ، أو أفنينا أعمارنا لنتركها في الأذهان ، وبين الطيف الذي نبدو عليه حقيقةً بين الناس؟!..

هناك تعليقان (2):

  1. إبدَاع

    يَا رَفيق الحَرف..
    حَلَّق.. :)

    ردحذف
  2. هكذا هو الإنسان ..ملول بطبعه ، كل ماعلينا السعي لأجله هو الحفاظ على طهر أطيافنا ونقاء قلوبنا .. على الأقل لن نندم إذا صادفناها بعد سنوات طوال ..

    بورك المداد وصاحبه

    ردحذف

الأقْزام ، والمَسائل الخِلافيّة ..

حتى عهد قريب كان التحشير* 1 عند سؤال الكبار يعدّ تصرفًا محرّمًا ، وأسلوبًا مستهجنًا مرفوضًا عند الكثير من الأسر ، وبالتالي المدارس ومجالس...