في رحلتنا في هذه
الحياة نتعرض للكثير من المواقف التي تدفعنا للتبدل والتغير ، راغبين وراهبين.
قد
يحدث هذا فينا دون أن ننتبه أحيانًا ، وقد يكون ذلك عن عمدٍ في أحايين أخرى.غرَقُنا في تحصيل الاحتياجات والكماليات ، واللهث خلف الرغبات والآمال العريضة ،
والأحلام الكبيرة والصغيرة ، والأماني المستحيلة والممكنة ، والتكاليف الحياتية
...
كل هذا يعمي أبصارنا ، ويخدر حواسنا ، يبدل ذوقياتنا ومشاعرنا ، فتصبح الوردة
التي اعتدنا التوقف عندها لتنشق عبيرها ، سخيفةً مهملة ، والعامل الذي مارسنا معه
طقوس الفأل الحسن بالتبسم كل صباح، مصدرَ تشاؤم وتضجّر ، وشعور بالضيق والنّكد ،
بل حتى مشاكسات أطفالنا اللذيذة التي كانت تضحكنا ببراءتها ووداعتها ، تصير شغبًا
لا يُطاق ، وشحناتُ ضغطٍ عاليةَ التوتّر!
نفعل كل ذلك ، على
مدار أيام ، وأشهر ، بل أعوام ، تنسلّ من بين أيدينا دون أن نتوقف لساعات نرمم
فيها ما صدعته المواقف والصوارف ، نتشاغل عن التفاصيل الصغيرة التي لطالما عَنَت
لنا ولمن حولنا الكثير ، حتى يتصرم العمر ، ونفقدهم ، أو نفقد ذواتنا التي ألفناها
وعرفناها ، يفجعنا الشيب وقد غزى الرؤوس ، والتجاعيد وقد دهمت الوجوه.
ترى لو قدّر لنا ، بعد عدة أعوام ، أو بعد بضعة عقود ،
أن نعرض سنيّ أعمارنا بكل ما فيها على شريط مرئي ، وأن نتأمل مواطن التغيّر فينا ،
أن نراقب أحداث حياتنا كما لو أننا لم نكن جزءاً منها ، دون أن نتحكم فيها ... كيف
سنبدو؟ كيف ستظهر أفعالنا لنا؟ وكيف ستبدو لنا تصرفاتنا؟ هل سنتقبل سلوكياتنا التي
كانت مستهجنة فيما مضى ، ثم اقترفناها الآن؟ هل سنجد أنفسنا نبرر الأخطاء التي
أنكرناها على غيرنا؟ هل سنتمنى لو أننا فعلنا ما لم نفعله ، أو نتمنى لو أننا
امتنعنا عما فعلناه؟ هل سنعرف أنفسنا إذا التقت طيوفنا ، بين الصورة التي رسمناها
لأنفسنا ، أو أفنينا أعمارنا لنتركها في الأذهان ، وبين الطيف الذي نبدو عليه
حقيقةً بين الناس؟!..
إبدَاع
ردحذفيَا رَفيق الحَرف..
حَلَّق.. :)
هكذا هو الإنسان ..ملول بطبعه ، كل ماعلينا السعي لأجله هو الحفاظ على طهر أطيافنا ونقاء قلوبنا .. على الأقل لن نندم إذا صادفناها بعد سنوات طوال ..
ردحذفبورك المداد وصاحبه